
تحل اليوم الذكرى الثامنة والعشرين للغزو العراقى الغاشم على دولة الكويت والتى لم يسلم القطاع النفطي من ويلاته عام 1990 .
فقد تعرضت جميع المنشات النفطية والمصافي البترولية فى ذلك اليوم الى دمار وتخريب الى جانب الكوارث البيئية التى خلفها العدوان والتى لم يشهد التاريخ الحديث بشاعة وهمجية ، فلم يكن الجيش العراقي مجرد احتلال، ولكن كان عبارة عن عصابات منظمة تستحل كل شيء وتننهب كل شيء في الكويت لتنقله إلى بغداد، وكذلك شهدت الكويت في ذلك الوقت أكبر معتقل في العالم، فكان أي كويتي يُلقى عليه القبض لا يقتل فقط، ولكن كان يعذب ويُقتل أمام أهله بل ويمنع أهله من الاقتراب من جثمانه حتى بعد القتل.
وكذلك أسر الجيش العراقي مئات من العسكريين، ولولا تدخل الصليب الأحمر الدولي لما عادوا إلى الكويت مرة أخرى، ولأصبح مصيرهم مصير الأسرى والمفقودين الـ605 المدنيين الذين اعتقلتهم القوات الغازية الذين عُثر على جثامينهم رحمهم الله وتقبلهم في الشهداء وأجزل الثواب للكويت ولذويهم.
وقام الجيش العراقي بجريمة لم يرتكبها أحد من قبل ألا وهي جريمة حرق الآبار النفطية، فبعد أن أيقن العراقيون أنهم مهزومون وسوف يطردون من الكويت أقدموا على حرق 737 بئراً نفطية حولت نهار الكويت إلى ظلام دامس يشبه قلوبهم وقلوب قيادتهم.
ولم يقف الشعب الكويتى مكتوف الايدى وانما واجه وتصدى وقامت أول مظاهرة بوجه المحتل في أول يوم للغزو، ، وأنشئت لجان التكافل التي قامت بالمقاومة المدنية وبتيسير الحياة اليومية للمواطنين الكويتيين والمقيمين على أرض الكويت، وقامت بإدارة الجمعيات التعاونية والمخابز، وقام عدد من المواطنين بالعمل في مصانع الغاز والبترول لتيسير الحياة اليومية للصامدين في الكويت.
وقام الهلال الأحمر بإدارة العمل الصحي في الكويت وإنقاذ الجرحى الكويتيين، ولم يسلم كل من قام بهذه الجهود من الاعتقال بل والقتل.
وكان الكويتيون في ذلك الوقت صفاً واحداً، لم يفرق بينهم لا عرق ولا طائفة ولا لون، وأصبحت الهوية كويتياً فقط.
وأما الكويتيون الذين نزحوا من ، فقد استطاعوا أن يوصلوا القضية الكويتية إلى العالم أجمع من خلال المظاهرات التي أقيمت في جميع أنحاء العالم لنصرة القضية الكويتية، وما زالنا نذكر المسيرة الصامتة التي أقيمت في العاصمة البريطانية لندن التي اكتسبت وقتها شهرة عالمية، بالإضافة إلى الشهادة التي قدمها من استطاع الخروج من الكويت في الأمم المتحدة.
ولان الكويت بلد عصي على كل محتل محمية بفضل ربها وطيب وكرم اَهلها ووحدة صفهم خلف قيادتهم الحكيمة فقد استوجبت هذه الكارثة ان تتوجه الجهود لاعادة اعمار هذه المنشات الى ما كانت عليه قبل الغزو العراقي على دولة الكويت في 2 اغسطس 1990 حيث كانت جهود الاصلاح واعادة اعمار هذه المنشات متوازية مع عمليات التخطيط والتطوير لها وذلك لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية من المنتجات البترولية وبما يواكب التطورات
المستمرة في التشريعات التي تعمل على حماية البيئة من التلوث، وتضمنت تلك الجهود اجراء عمليات حصر الخسائر والاضرار التي حدثت في تلك المنشات النفطية ووضع الخطط المطلوبة على مراحل الاصلاح واعادة الاعمار لها.
ووفقا للتقارير المتخصصة حول الاضرار النفطية المرتبة على الغزو العراقي الغاشم
لدولة الكويت فان هناك اضرارا متعددة لحقت بالنفط اولها الاضرار في حقول شركة نفط
الكويت حيث قام النظام العراقي باشعال النيران في 696 بئرا وتدمير رؤوس 54 بئرا
في حقول الشركة مما ادى تحويلها الى ابار نازفة وقدرت كميات النفط المتسربة
بحوالي 23 مليون برميل.
واما مرافق الانتاج في حقول شركة نفط الكويت فقد رصدت التقارير ان ثمانية مراكز تجميع تعرضت للتدمير التام كما تعرضت مراكز التجميع الاخرى البالغ عددها 18 مركزا فقد
لتدمير كامل في مرافقها والبعض الاخر لتدمير جزئي. وافادت التقارير ان الشركة تمكنت من اعادة 18 مركزا للانتاج في 14 مركز تجميع في منطقة جنوب شرقي الكويت ومركزين لتجميع النفط في منطقة شمال الكويت ومركزين اخرين في منطقة غرب الكويت. وذكرت ان محطات تعزيز الغاز بحقول شركة نفط الكويت وهي المحطات (130-140-150-170) لحق بها الكثير من الاضرار والتدمير في حين قام العدو بتدمير
محطة تعزيز الغاز رقم 160 براس الزور تدميرا كاملا.
وكشفت التقارير ان الاستنزاف غير المنظم للمكامن النفطية الذي تسببت فيه عملية حرق
الابار جراء الغزو ادى الى اضرار جسيمة فيها تتمثل في انخفاض حاد في الضغط
المكمني وارتفاع منسوب المياه وتكون المخاريط المائية وان اضرار المكامن تمثلت في تبقي كميات كبيرة من النفط معزولة بسبب تغلغل الماء في الطبقات الحاملة للنفط وانهيار الجدران الداخلية للابار بسبب التغيير المستمر في الضغط المكمني الى جانب زيادة نسبة الغاز في النفط ،ولكى تتم ان معالجة هذه الاضرار فقد تكلفت الدولة اموالا طائلة بالاضافة الى الجهود المضنية المبذولة في عمليات اعادة المكامن النفطية الى حالتها شبه الطبيعية.
واوضحت ان هناك اضرارا رئيسية لحقت بمرافق الشركة المختلفة مثل مرافق التخزين
والتصدير كما تم نهب وسرقة مايعادل 80 بالمائة من قطع الغيار والمواد المختلفة
مثل المواد الكيماوية والعوامل الحفازة والمعدات المتحركة والثابتة واجهزة القياس
والمعدات والادوات المختبرية ومعدات وادوات الامن والسلامة وغيرها. وعن الاثار المترتبة على الغزو العراقي الخاصة بالكارثة البيئية افادت التقارير
انه تم احراق وتدمير اكثر من 700 بئر من ابار النفط مما ادى الى تسرب النفط وتكون
بحيرات يقدر عددها بحوالي 300 بحيرة وهي ذات مساحات واعماق متفاوتة نسبيا تبعا
لتضاريس الارض وتقدر مساحتها بحوالي 50 كيلومترا مربعا. واوضحت التقارير ان هذه البحيرات تحوى اكثر من 23 مليون برميل من النفط وقد قامت شركة نفط الكويت بجهود لمنع انتشار النفط وذلك باقامة سواتر ترابية حولها ثم بدا العمل لشفط النفط وتم استرجاع النفط الخام حيث تم تصدير جزء كبير منه والاخر تم تحويله الى مراكز التجميع ،وتمت معالجة جزء كبير منه في وحدات المعالجة الميدانية وان تسرب النفط ادى الى تلويث المياه الجوفية العذبة والمالحة والاضرار بالحياة الفطرية الصحراوية من نبات وحيوان .
ورغم هذه الآلام،التى خلفها الغزو الغاشم للكويت فقد استلم أمير الإنسانية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الراية لإعادة إعمار العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وبعد انتهاء ما يسمى بتنظيم “داعش” الإرهابي في العراق، فقد دعا حفظه الله إلى مؤتمر لإعادة إعمار العراق، بل وحتى في الأيام التي شهد فيها العراق مشكلات يومية فقد مدت الكويت بتوجيهات من أمير الإنسانية يد المساعدة، وأرسلت للعراق المولدات الكهربائية والمساعدات العينية والمياه، ودعت الكويت الشعب العراقي إلى التكاتف من أجل بلدهم.
إن دولة الكويت ورغم الألم الشديد الذي عانته من العراق فإنها تسامت فوق جراحها، ولم تأخذ الشعب العراقي بجريرة نظامه المجرم الذي أقدم على غزو الكويت، ولكن التاريخ يبقى، فالغزو هو غزو من العراق، ولا يمكن أن نغير المسميات.
وعن هذه الذكرى الاليمة أكد محمد حمد الهاجري رئيس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات أن ذكرى الاحتلال العراقي لدولة الكويت سيظل يوما اسودا ونقطة مظلمة في تاريخ هذه الأمة .
وقال الهاجرى أن يوم ٢-٨ من كل عام سيظل ذكرى حاضرة في عقل وقلب كل كويتي لتلك الخيانة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا حيث هجمت قوات الاحتلال العراقي الغاشمة على شعب الكويت المسالم فاتت على الأخضر واليابس فهدمت وحطمت كل ما واجهته وقتلت وسفكت دم كل مواطن مسالم ورافض لهذا الاحتلال البغيض.
وشدد الهاجري على أن ذكرى ٢-٨ الأليمة لن يمحوها التاريخ مهما حاول العراقيون اليوم لصقها بصدام وحده فمن قتل وحرق واغتصب وانتهك الحرمات لم يكن صدام بشخصه بل هم جيش العراق وقواته المتعددة من أبناء العراق .
وتذكر الهاجري شهداء القطاع النفطي الأبرار الذين سقطوا دفاعا عن مقدرات وطننا الغالي وآثروا أن يموتوا دفاعا عن حقول ومصافي النفط بدلا من أن ينعم بخيراته المحتل العراقي الغاشم الذي أشعل الحقول وارتكب إلى جانب الاحتلال أبشع الجرائم بحق الإنسانية .
كما حيى صمود كل شهداء وشهيدات الكويت الذي سقطوا دفاعا عن الأرض والعرض وأكدوا أن الدول تحيا بالكرامة والدفاع عن الوطن والتمسك بالشرعية التي اختارها الشعب الكويتي الذي ضرب أروع الأمثلة في النضال من اجل كرامته وصمد مع شرعيته ممثلة بأسرة آل الصباح التي اجمع عليها أهل الكويت على مدى تاريخهم العريق وتجددت البيعة في مؤتمر جده .