
رغم النهاية السلبية التي شهدتها أسواق النفط العالمية الاثنين، أول أيام تداول الأسبوع الجاري، هناك من العوامل التي تتوافر للأسواق في المرحلة الراهنة التي من شأنها أن تدفع بأسعار النفط العالمية إلى المزيد من الارتفاع رغم المخاوف التي لا تزال تسيطر على الأسواق حيال تباطؤ النمو العالمي، وما يمكن أن ينتج عنها من تراجع في الطلب العالمي على المعدن الأسود.
تراجع إنتاج أوبك
وبحسب «تراد كابيتال» أول هذه العوامل، الاتفاق الذي توصلت إليه دول أوبك وحليفاتها من كبرى الدول المنتجة للنفط في مقدمتها روسيا في آخر نوفمبر الماضي، والذي دخل حيز التنفيذ الفعلي في أول يناير الماضي، ما أسفر عن هبوط ملحوظ في معدل إنتاج أوبك.
وقال تقرير لوكالة أنباء رويترز الخميس الماضي إن إنتاج أوبك من النفط تراجع إلى أدنى المستويات في سنتين بواقع 890 ألف برميل يوميا، مقارنة بالمستويات المسجلة في ديسمبر الماضي، مما يشير إلى أدنى مستويات الإنتاج منذ يناير 2017. وتطبق بنود الاتفاق على جميع الدول المعنية عدا ليبيا وإيران وفنزويلا، وهي الدول التي تعاني من اضطرابات أمنية واقتصادية وعقوبات اقتصادية أمريكية.
وحتى الدول الثلاثة المستثناة من اتفاق خفض الإنتاج، أسهمت في هذا التراجع الملحوظ في المعدلات، إذ تعرضت منشآت النفط الليبية منذ ديسمبر الماضي لاضطرابات في التشغيل، ما أدى إلى توقفها مؤقتا عن العمل بسبب الأوضاع الأمنية غير المنضبطة في البلاد. كما انقطع الإنتاج بشكل متكرر في فنزويلا نتيجة للأزمة السياسية الحالية، التي جاءت في أعقاب أزمة اقتصادية طاحنة أثرت سلبا على الاستثمارات في قطاع النفط، والتي تجعل السلطة في البلاد محل نزاع بين الرئيس نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة خوان جوايدو. وتشهد إيران أيضا انقطاعات متكررة في الإنتاج وتراجع في صادرات النفط بسبب العقوبات الأمريكية.
تراجع نشاط الحفر الأمريكي
ننتقل إلى العامل الثاني الذي من شأنه توفير دعم لأسعار النفط العالمية في الفترة المقبلة، فهو تراجع نشاط إنتاج النفط الأمريكي الذي يستمر منذ عدة أسابيع.
وتراجع عدد منصات الحفر في قطاعي النفط في الولايات المتحدة إلى 87 منصة في الأسبوع المنتهي الجمعة الأول من فبراير الجاري مقابل العدد المسجل الأسبوع الماضي عند 862 منصة عاملة.
وتراجع إجمالي عدد منصات النفط والغاز الطبيعي الأمريكي إلى 1045 منصة مقابل الأرقام المسجلة الأسبوع الماضي عند 1059 منصة.
في المقابل، أضافت منصات الغاز الطبيعي الأمريكية منصة واحدة هذا الأسبوع ليصل عددها إلى 198 منصة مقابل 197 منصة، وفقا لعملاق خدمات حقول ومواقع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بيكر هيوز.
وغالبا ما يثير هبوط عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة تفاؤلا حيال توقف محاولات من قبل المنتجين الأمريكيين للاستيلاء على نصيب أكبر من السوق العالمية للنفط على حساب دول منظمة أوبك وحلفائها الذين يخفضون معدلات الإنتاج من أجل تعزيز الأسعار.
أزمة فنزويلا
تتصاعد الأزمة السياسية في فنزويلا، أحد أهم أعضاء منظمة أوبك، إلى حدٍ قد يؤدي إلى انقطاع في الإنتاج تأثرا بالأوضاع التي يسودها الاضطراب على مستوى المشهد السياسي منذ أعلن جوايدو، الذي يتزعم الجمعية الوطنية الفنزويلية، نفسه رئيسا يوم 23 يناير الماضي.
وبدأت هذه الأزمة السياسية بعد سنوات من المعاناة في فنزويلا من الاضطرابات الاقتصادية، مع ارتفاع معدلات التضخم أدى إلى انهيار العملة المحلية وسط نقص حاد في المواد الأساسية كالغذاء والدواء، وهو ما دفع ملايين الفنزويليين إلى النزوح.
وأدى مادورو اليمين لتولي فترة رئاسته الثانية في أعقاب انتخابات أثارت جدلا واسع النطاق في يناير الماضي، إذ لم يشارك فيها العديد من قادة المعارضة لكونهم مسجونين أو مقاطعين، ما أثار حالة من الاحتقان السياسي يعتقد أنها وراء إعلان جوايدو نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد.
ومن المتوقع أن يكون الأثر السلبي المزدوج للأزمتين السياسية والاقتصادية في فنزويلا إلى مزيد من الاضطرابات التي من شأنها التأثير سلبا على معدلات إنتاج النفط، وهو ما يُضاف إلى العقوبات الأمريكية التي من شأنها تفاقم هبوط صادرات النفط الفنزويلية.
وبدأ النفط تعاملات الاثنين في الاتجاه الصاعد مدفوعا بعدة عوامل أبرزها التراجع في إنتاج أوبك بسبب البدء في العمل باتفاق خفض الإنتاج لمنظمة أوبك، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على أكبر شركة نفط مملوكة للدولة في فنزويلا، علاوة على تراجع عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة.
لكن مخاوف حيال التقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والارتفاع في قيمة الدولار الأمريكي كانت وراء عودة النفط إلى الاتجاه الهابط مرة أخرى.
وهبطت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 54.20 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي السابق الذي سجل 55.33 دولار للبرميل. وارتفع النفط الأمريكي إلى أعلى مستوى له على مدار يوم التداول الجاري عند 55.73 دولار مقابل أدنى المستويات عند 53.33 دولار.