
قال د.فيصل مرزا مستشار شؤؤن الطاقة وتسويق النفط إن عودة العقوبات الاقتصادية على طهرانمن شأنها أن تضغط على أسواق النفط وتتسبب في شح الإمدادات، خاصة إذا عدنا بالذاكرة الى صيف عام 2012 حيث كان أغلب محللي أسواق النفط يتحدثون عن تأثير فرض العقوبات الاقتصادية على صادرات النفط الإيرانية وأسواق النفط، والضغط على ميزان العرض والطلب بعد نقص الإمدادات.
وأوضح مرزا انه يصعب على ايران ان تتجاوز النظام المالي العالمي حتى مع وجود أسطول ناقلات يصل الى قرابة 50 ناقلة، مبينا انه يصعب حصر الناقلات العائمة التي تستخدمها ايران في التخزين العائم والمتوقفة في مياه الخليج العربي.
وذكر ان أكبر عائق سيواجه صادرات النفط الإيراني ولن يمكّن اسطولها من تفريغ الشحنات في مصافي التكرير هو حظر التأمين على ناقلات النفط، علما بأن 90% من تأمين الناقلات تخضع للنظام المالي الأميركي، ولذلك وحتى مع وجود هذا الاسطول الضخم لم تستطع الحكومة الإيرانية تحمل هذا التأمين لأن مصافي التكرير لا تقبل بتأمين حكومي خارج النظام المالي العالمي لأن الغطاء التأميني للناقلة الواحدة قد يصل إلى مليار دولار.
وقال ان الإعفاءات من العقوبات المستهدفة أعطت طهران إمكانية الحصول على احتياطيات نقد أجنبي، وخففت من القيود المالية التي أعاقت خدمات التأمين والشحن لناقلات النفط والتي كانت أكبر عائق واجه صادرات النفط أثناء العقوبات، والتي سمحت بها الشركات الأميركية بالتداول جزئيا مع إيران.
وأضاف: أي إعادة لفرض هذه العقوبات ستكون معضلة لصادرات النفط الإيراني لاسيما أن معضلة الشحن والتأمين سوف تذعن للعقوبات الأميركية مباشرة وسوف تقوض بشكل كبير قدرة المستأجرين على استئجار السفن وتأمين الشحنات، حتى وإن تولت شركة النفط الوطنية الإيرانية مسؤوليات الشحن ومخاطر التأمين باستخدام سفنها لنقل البضائع على أساس نظام التحميل C ” Cost Insurance & Freight” فإنها ستواجه رفضا من المصافي التي تستقبل تلك الشحنات لأنها لن توافق على استلام شحنات النفط بدون التأمين عليها من شركات تأمين الناقلات والتي تتحمل عبء المخاطر والذي لا يمكن فصله عن النظام المالي الأميركي».
وذكر ان حلم ايران النفطي هو ان تعود إلى ذروة إنتاج عند 6 ملايين برميل يوميا عام 1977 في عهد شاه إيران ولكن هذا صعب المنال لأن البنية التحتية الإيرانية المهترئة لم يحدث بها اي تطوير او اي إصلاحات ولا استثمارات في مشاريع المنبع منذ تلك الحقبة! وقال انه فور زوال العقوبات الاقتصادية سابقا بدأ الرئيس الإيراني عرض مشاريع استثمارية بأكثر من 140 مليار دولار على الشركات العالمية في أوروبا لكي ينقذوا ما يمكن إنقاذه من هذه البنية التحتية المهترئة والمتدهوره في قطاع النفط والغاز الإيراني، ولكن لم تثمر كل تلك الجولة المكوكية إلا باستثمارات على استحياء بلغت ملياري دولار فقط من شركة توتال الفرنسية وتشمل تطوير البنية التحتية اللوجستية لحقل جنوب بارس للغاز المشترك مع قطر.
وبين انه سيكون أفضل أمل لطهران أن تبني أحلامها وتتوهم عزلة واشنطن عن الاتحاد الأوروبي، ولكن من الواضح أن هناك مجالا للتناقض لكل من يشكك أن إلغاء أميركا الاتفاق النووي قد يسبب عزلة أميركية وأنه سيعمق الصدع بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين بعد أن صرحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن الاتحاد الاوروبي لن يتراجع عن الاتفاق النووي الإيراني الذي التزمت به مع إيران وانه قد لا يؤدي فورا إلى فرض عقوبات جديدة.
وذكر ان ايران تلعب على تعيمق الصدع بين واشنطن والاتحاد الأوروبي والذي تأمل طهران ان تنجح في إحداث انقسامات عبر الاطلنطى لصالحها بعزل واشنطن عن الاتحاد الأوروبي وبالتالي عدم السماح بانهيار الاتفاق من جانب واحد مع تأمين التزامات من بروكسل لحماية الشركات الاوروبية من اى عقوبات اميركية معاقبة.
وأشار الى ان حالة عدم اليقين هي سمة من سمات ممارسة الأعمال التجارية في إيران، لكن احتمال انسحاب أميركا من اتفاق طهران النووي مع ست قوى عالمية يجعلها أسوأ بكثير، وإذا أعيدت الجزاءات بأي شكل من الأشكال، فإنها ستعرقل قطاع النفط الإيراني.
وقال انه أضحى من المؤكد أن إيران حريصة على كسب ودعم شركات النفط الأوروبية، وهي غير قادرة على جذب أي شركاء نفطيين أميركيين بالشراكة مع المشاريع الكبرى مع نظرائهم الصينيين والآسيويين الآخرين، ومن شأن العقوبات الأميركية المستعادة أن تهبط الشركات الأوروبية، وخاصة تلك التي لها مصالح تجارية مع أميركا، لأنه حتى وإن بذلت حكومات الاتحاد الأوروبي قصارى جهدها للتعاون مع إيران، فإن الشركات التي لها مصلحة تجارية كبيرة مع أميركا ستكون مترددة لمنع أي عقوبات من جانب الحكومة الأميركية.
شدد مرزا على ان دخول العقوبات الاقتصادية على ايران حيز التنفيذ من شأنه حظر كل التعاملات المالية عن مصرف طهران المركزي وهذه الإجراءات سوف تنعكس على صادرات ايران النفطية والتي انتهت عندما خرجت إيران من العزلة، وحققت مكاسب اقتصادية منذ رفع العقوبات، مما مهد الطريق أمام ارتفاع صادرات النفط الخام وارتفاع حجم المبيعات إلى أوروبا.
وذكر ان عدم اليقين يهدد الآن مصير الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الست، وسط تصاعد الإشارات إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتحرك من أجل وقف الصفقة النووية التي خدمت طهران منذ 2015، حيث انه مع تضاعف إنتاج إيران، تضاعفت معه التداولات المشبوهة.
وقال ان ايران تمكنت بعد الاتفاق النووي مع أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في 2015 من الحفاظ على مستويات تصدير النفط الخام فوق 2.2 مليون برميل يوميا، ما يقرب من مليون برميل يوميا الى اوروبا وتركيا وسورية، وهناك نحو 1.2 مليون برميل يوميا الى اسيا.
وبين ان مستوى صادرات النفط الإيراني لايزال مستقرا عند هذه المستويات حتى الآن رغم أنهم ادعوا أثناء اجتماع الجزائر في سبتمبر 2016 أن إنتاجهم سيصل إلى 5 ملايين برميل يوميا، حتى بالرغم من الاتفاق النووي الايراني ورفع العقوبات الاقتصادية ومهد الطريق أمام طهران لتعزيز صادرات النفط وجذب استثمارات بمليارات الدولارات، الا انها لم تستطع رفع الإنتاج فوق 3.8 ملايين برميل يوميا حتى الآن وهو ما يثبت كذب ادعاءاتهم بقدرات إنتاجية أكبر من قدراتهم المتدهورة والتي انفضحت فور زوال النفط المخزن في الناقلات العائمة.
وقال ان إيران تمكنت من زيادة إنتاجها الخام إلى نحو 3.85 ملايين برميل يوميا من 2.8 مليون برميل يوميا في 2015، واستمرت صادراتها النفطية من 2.1 مليون إلى 2.3 مليون برميل يوميا خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، وتبلغ مبيعاتها إلى أوروبا حوالي مليون برميل يوميا، قبل العقوبات.