جوجل والملح ومضادات التجمد .. وتخزين الطاقة المتجددة

كتب :د.هيثم باحيدرة 

يستطيع الملح تخزين الطاقة لأيام، وهذا الأمر من شأنه أن يوفر لشركات الطاقة التي تولد الكهرباء من مزارع الرياح والألواح الشمسية حلا للاستفادة من فائض الطاقة لديها بدلا من التخلص منه. ووفقا لمصادر “بلومبرج” فقد اضطرت كاليفورنيا بالفعل إلى التخلص من أكثر من 300 ألف ميجاواط من الكهرباء ــ التي كان يمكن أن تمد عشرات الآلاف من المنازل بالطاقة ــ خلال هذا العام، ولا شك أن هذا هدر عظيم. في حين تتخلص ألمانيا من 4 في المائة من إنتاجها من طاقة الرياح سنويا وتتخلص الصين من 17 في المائة.
وتعمل شركة ألفابيت ــ مالكة جوجل ــ على مشروع يحمل الاسم الرمزي “مالطا” لتخزين الطاقة المتجددة المهدرة التي يتم التخلص منها. ويحمل المختبر السري لمجموعة جوجل إكس التابعة لشركة ألفابيت فكرة جديدة يمكن أن تنقذ العالم. وتتمثل هذه الفكرة ــ التي تحمل اسم مالطا ــ في استخدام أحواض الملح ومضادات التجمد. وقد أنشأت شركة ألفابيت ــ الشركة الأم لجوجل ــ مختبر إكس التجريبي للتركيز على المشاريع الخيالية التي تبدو أحيانا بعيدة المنال ولكن يمكن حال نجاحها أن تحل كثيرا من مشاكل العالم. وقد سبق لهذا المختبر أن أنتج سيارة جوجل ذاتية القيادة ونفذ مشروع لوون ــ مشروع توصيل خدمات الإنترنت اللاسلكي إلى المناطق النائية باستخدام المناطيد عالية الارتفاع ــ والآن يركز المختبر على الوصول لسبل أفضل لتخزين الطاقة عالية الكثافة.
ومن بين الدفوع التي تساق دوما ضد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كون مصادر الطاقة المتجددة متقطعة وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها، حيث إن الشمس ليست دوما ساطعة ولا الرياح دوما عاتية. ومن ثم فإن التخزين هو المفتاح اللازم لإطلاق كامل إمكانات الطاقة المتجددة لتزويد المجتمعات الصناعية الحديثة بالطاقة بالحجم نفسه المتوافر من الوقود الأحفوري والطاقة النووية. والآن انضمت شركة ألفابيت المالكة لجوجل إلى سباق تطوير تخزين الطاقة النظيفة عبر مشروع مالطا الذي يستخدم مضادات التجمد الباردة والملح الساخن لتخزين الطاقة. وفي كل سنة يتم إهدار كميات هائلة من الطاقة لعدم وجود وسيلة فعالة لتخزينها.

ويعتمد المشروع الجديد الذي يحمل اسم مالطا على مبدأ قدرة الملح المصهور على التخزين ــ الذي أصبح منذ فترة مفهوما واعدا لتخزين الطاقة ــ إضافة إلى التخزين البارد باستخدام مضادات التجمد. ويمكن للملح المصهور تخزين الطاقة لعدة أيام بل ولعدة أسابيع، ما يجعله حلا مثاليا للطاقة المتجددة التي يجب حاليا، في معظم الأماكن، إما استخدامها أو التخلص منها فوريا.
وتتمثل فكرة عمل النظام في استقبال الطاقة في شكل كهرباء ثم تحويلها إلى تيارات منفصلة من الهواء الساخن والبارد. ويستخدم الهواء الساخن في رفع درجة حرارة الملح، في حين يستخدم الهواء البارد في خفض درجة حرارة مضادات التجمد، فيما يشبه طريقة عمل الثلاجة. بعد ذلك يبدأ عمل المحرك النفاث بالضغط على مفتاح لعكس العملية، حيث يندفع الهواء الساخن والبارد تجاه بعضهما بعضا ما يوجد رياحا قوية تستخدم لتشغيل التوربينات وإنتاج الكهرباء عندما تكون الشبكة في حاجة إلى ذلك.